الفانكومايسين هو مضاد حيوي قوي يُستخدم كخيار "أخير" لعلاج العدوى الخطيرة التي تسببها البكتيريا موجبة الغرام، بما في ذلك المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA). تم اكتشاف الفانكومايسين في خمسينيات القرن الماضي كمضاد حيوي فعّال ضد المكورات العنقودية المقاومة للبنسلين. في البداية، كان استخدامه محدودًا بسبب السمية المحتملة الناتجة عن النسخ غير النقية المبكرة منه، والتي كانت تُعرف بلونها البني وأُطلق عليها لقب "طين المسيسيبي".
الأسماء التجارية
آلية العمل
يعمل الفانكومايسين عن طريق الارتباط بالنهايات D-alanyl-D-alanine من سلائف الببتيدوغليكان، مما يعيق مرحلتي نقل الغليكوزيل (transglycosylation) والربط الببتيدي(transpeptidation) الضروريتين لتكوين جدار الخلية البكتيرية. يؤدي هذا الاضطراب إلى إضعاف جدار الخلية، مما يسبب في نهاية المطاف موت الخلية البكتيرية.
يقتصر تأثيره على البكتيريا موجبة الغرام، وذلك بسبب كبر حجم جزيئه الذي يمنعه من اختراق الغشاء الخارجي للبكتيريا سالبة الغرام.
الحرائك الدوائية
الامتصاص:
يمتاز الفانكومايسين بضعف الامتصاص عند إعطائه عن طريق الفم، حيث تبلغ التوافرية الحيوية له أقل من 10% في الجهاز الهضمي السليم. وهو جزيء كبير ومحَبّ للماء (hydrophilic)، ولا يعبر بسهولة جدار الأمعاء إلى مجرى الدم.
التوزيع:
يتوزع الفانكومايسين بشكل واسع في أنسجة وسوائل الجسم، ويتراوح حجم توزيعه بين 0.4 إلى 1.0 لتر/كغ. تبلغ نسبة ارتباطه بالبروتينات حوالي 55%.
الاستقلاب (الأيض):
يخضع الفانكومايسين لحدٍّ أدنى من الاستقلاب داخل الجسم، ويتم التخلص منه في الغالب على صورته الأصلية. عند إعطائه عن طريق الوريد، يُطرح بشكل رئيسي عبر الترشيح الكبيبي في الكلى، حيث يُفرز ما يصل إلى 75% من الجرعة في البول. أما عند تناوله عن طريق الفم، فإن امتصاصه من الأمعاء يكون ضعيفًا، وبالتالي يعمل موضعيًا داخل الجهاز الهضمي ويتم التخلص منه عبر البراز.
الإخراج:
يتم إخراج حوالي 75-80% من الجرعة المُعطاة في البول خلال أول 24 ساعة. بعد الإعطاء الوريدي، قد توجد كميات صغيرة من الفانكومايسين في العصارة الصفراوية والبراز.
الديناميكا الدوائية
تشير الديناميكا الدوائية للفانكومايسين إلى العلاقة بين تركيز الدواء في الجسم ونشاطه المضاد للميكروبات. ويتم التنبؤ بدقة بفعالية الدواء من خلال نسبة المساحة تحت المنحنى خلال 24 ساعة (AUC) إلى التركيز المثبط الأدنى للبكتيريا (MIC)، حيث يُستهدف الوصول إلى نسبة AUC/MIC ≥ 400 لتحقيق نتائج سريرية ناجحة.
طريقة الإعطاء
يُعطى الفانكومايسين إما عن طريق الوريد (IV) لعلاج الالتهابات الجهازية الخطيرة، أو عن طريق الفم لعلاج الالتهابات المحصورة في الأمعاء. تعتمد طريقة الإعطاء الصحيحة على نوع ومكان العدوى، حيث إن الفانكومايسين يُمتص بشكل ضعيف من الجهاز الهضمي، وبالتالي لا يكون فعّالًا عند تناوله فمويًا لعلاج الالتهابات خارج الأمعاء.
الجرعة والتركيزات
يتوفر الفانكومايسين في شكلين رئيسيين من الأشكال الدوائية:
التفاعلات الدوائية
للفانكومايسين تفاعلات دوائية مهمة، خصوصًا مع الأدوية التي قد تُسبب ضررًا للكلى أو السمع.
التفاعلات مع الطعام
لا توجد تفاعلات معروفة ذات أهمية بين الفانكومايسين والطعام، ويمكن تناوله مع الطعام أو بدونه.
الطريقة التي يُستخدم بها الفانكومايسين (عن طريق الفم أو الوريد) هي العامل الأساسي الذي يحدد آلية عمله والاحتياطات المطلوبة أثناء العلاج.
موانع الاستعمال
تتمثل أهم موانع استخدام الفانكومايسين في وجود تحسس معروف تجاه الدواء، بما في ذلك ردود الفعل الشديدة مثل:
ينبغي اتخاذ الحيطة والحذر مع المرضى الذين يعانون من ضعف كلوي، حيث قد يُسبب الفانكومايسين سمّية كلوية (Nephrotoxicity)، وكذلك المرضى الذين لديهم ضعف سمعي مُسبق بسبب خطر السمّية الأذنية (Ototoxicity).
كما يُمنع استخدام محاليل الفانكومايسين التي تحتوي على ديكستروز لدى المرضى الذين لديهم حساسية من الذرة.
الآثار الجانبية
الجرعة الزائدة
السمّية
تنجم سمّية الفانكومايسين عن تناول جرعات عالية جدًا، أو العلاج لفترات طويلة، أو ضعف في وظيفة الكلى، مما يؤدي إلى تراكم الدواء في مجرى الدم. في حالات الجرعة الزائدة الشديدة، قد تكون هناك حاجة إلى علاجات بديلة للكلى مثل الغسيل الكلوي (Hemodialysis).