تيلوسين هو مضاد حيوي من فئة الماكروليدات تم اكتشافه لأول مرة في خمسينيات القرن العشرين كمركب طبيعي مستخلص من البكتيريا Streptomyces fradiae. وقد تم إدخاله في الطب البيطري أوائل الستينيات بواسطة شركة إيلي ليلي. يرتبط هيكليًا بمضاد الحيوي إريثروميسين، ويتميز تيلوسين بنشاط واسع الطيف ضد البكتيريا موجبة الغرام وبعض الميكوبلازما. على مر السنين، استُخدم على نطاق واسع في الثروة الحيوانية—خصوصًا الدواجن والخنازير والأبقار—لعلاج والوقاية من الالتهابات التنفسية والمعوية والميكوبلازمية. بالإضافة إلى استخدامه العلاجي، كان تيلوسين يُستخدم تاريخيًا كمُحفز للنمو في أعلاف الحيوانات، إلا أن هذا الاستخدام تم تقييده أو حظره في العديد من المناطق بسبب المخاوف المتعلقة بمقاومة المضادات الحيوية. اليوم، يظل تيلوسين مضادًا حيويًا بيطريًا مهمًا، يُقدَّر لفعاليته وسميته المنخفضة نسبيًا، بينما يستمر دوره في التطور مع زيادة التركيز على الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية.
الأسماء التجارية
آلية العمل
تيلوسين هو مضاد حيوي من مجموعة الماكروليد، ويُظهر تأثيره المضاد للبكتيريا عن طريق تثبيط تخليق البروتين في البكتيريا الحساسة. يرتبط تيلوسين بشكل محدد بالوحدة الفرعية 50S للريبوسوم البكتيري بالقرب من مركز البيبتيديل ترانسفيراز، مما يمنع خطوة الانتقال أثناء استطالة البروتين. هذا الارتباط يعيق إضافة الأحماض الأمينية الجديدة إلى سلسلة الببتيد النامية، وبالتالي يوقف تخليق البروتين البكتيري.
نتيجة لذلك، يكون لتيلوسين تأثير مضاد للبكتيريا بشكل أساسي (Bacteriostatic)، أي يثبط نمو البكتيريا بدلاً من قتلها مباشرة، على الرغم من أنه يمكن أن يكون قاتلًا للبكتيريا (Bactericidal) عند التركيزات العالية أو ضد الكائنات شديدة الحساسية.
يُظهر تيلوسين فعالية خاصة ضد البكتيريا موجبة الغرام، وأنواع الميكوبلازما، وبعض البكتيريا سالبة الغرام. ويرجع سمّيته المنخفضة نسبيًا في الحيوانات إلى تأثيره الانتقائي على الريبوسومات البكتيرية دون التأثير على الخلايا الثديية.
الحركية الدوائية
الامتصاص
يختلف امتصاص التيلوسين بشكل كبير حسب نوع الحيوان وطريقة الإعطاء، سواء كانت عن طريق الفم أو الحقن العضلي (IM). كما أن صيغة الدواء تؤثر على معدل الامتصاص، حيث يتم امتصاص تيلوسين تارترات بشكل أسرع مقارنة بالقاعدة الحرة لتيلوسين.
التوزيع
يتميز التيلوسين بحجم توزيع مرتفع (Vd)، مما يعكس انتشاره الواسع في أنسجة وسوائل الجسم بدلاً من بقائه محصورًا في الدم فقط. يمكن أن يختلف الحجم الدقيق للتوزيع اعتمادًا على عوامل مثل نوع الحيوان، وطريقة الإعطاء، وصيغة الدواء، والحالة الفسيولوجية، مما يؤثر على فعالية وصول الدواء إلى المواقع المستهدفة داخل الجسم.
الأيض
يتحلل التيلوسين بسرعة في المخلفات الحيوانية بوجود الأكسجين، حيث تتراوح نصف حياة الدواء بين 6 إلى 8 أيام في الأبقار والدواجن والخنازير. خلال هذه العملية، لا يتحلل التيلوسين إلى مركبات متطايرة 14C أو 14CO2، مما يشير إلى استقراره الكيميائي تحت هذه الظروف. في الكائن المنتج للتيلوسين، Streptomyces fradiae، يتم تنظيم تصنيع التيلوسين بواسطة مستويات الأدينيلات داخل الخلية، كما أن العوامل مثل إضافة الجلوكوز أو الفوسفات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على معدل إنتاج التيلوسين من خلال تعديل النشاط الأيضي ومسارات التنظيم داخل الكائن.
الإفراز
يتم إفراز التيلوسين بشكل رئيسي عبر الصفراء والبراز، مع كميات أقل تخرج عن طريق البول. يختلف معدل وطريقة الإفراز حسب نوع الحيوان وطريقة الإعطاء، ويُفرز جزء صغير فقط من الدواء دون تغيير.
الفعالية الدوائية
التيلوسين هو مضاد حيوي من فئة الماكرولايد يمتلك تأثيرًا مثبطًا لنمو البكتيريا (Bacteriostatic) عن طريق تعطيل تخليق البروتين البكتيري. وعلى الرغم من أنه عادةً مثبط لنمو البكتيريا، أظهرت الدراسات أنه قد يكون قاتلًا للبكتيريا (Bactericidal) عند التركيزات الأعلى. تختلف فعاليته الدوائية (PD) حسب نوع البكتيريا المستهدفة وتركيز الدواء الذي يصل إلى موقع العدوى.
طريقة الإعطاء
يمكن إعطاء التيلوسين عن طريق الفم، أو الحقن العضلي (IM)، أو الحقن الوريدي (IV)، وذلك حسب نوع الحيوان والغرض من العلاج. غالبًا ما يُعطى عن طريق الفم مع العلف أو الماء للوقاية من الأمراض أو لتعزيز النمو، بينما تُستخدم الحقن العضلية للعلاج العلاجي للعدوى، خصوصًا أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الميكوبلازما. تؤثر طريقة الإعطاء على امتصاص الدواء وفعاليته.
الجرعة والتركيز
تختلف جرعة التيلوسين وتركيزه حسب نوع الحيوان، وطريقة الإعطاء، ونوع العدوى المراد علاجها. تشمل التركيبات الشائعة تيلوسين تارترات (للاستخدام الفموي) والتيلوسين الأساسي أو فوسفات التيلوسين (للحقن أو الخلط مع العلف). الجرعات النموذجية هي:
عادةً ما تتوافر المنتجات التجارية على شكل محاليل قابلة للحقن بتركيز 100 ملغ/مل، أو خلطات مسبقة بنسبة 100 غ/كغ، أو مساحيق قابلة للذوبان للإعطاء عن طريق الفم. يجب دائمًا اتباع توجيهات الطبيب البيطري وتوصيات الشركة المصنعة للجرعة الصحيحة وفترة الامتناع عن الذبح أو الاستهلاك.
تأثير الغذاء
يمكن أن تتأثر امتصاصية التيلوسين وفعاليته بنظام غذاء الحيوان. فالأطعمة الغنية بالكالسيوم، المغنيسيوم، أو أي كاتيونات ثنائية التكافؤ الأخرى قد ترتبط بالتيلوسين وتقلل من توفره الحيوي، بينما الوجبات الدهنية قد تغير معدل الامتصاص قليلًا دون التأثير بشكل كبير على الفعالية العامة. بعض الإضافات الغذائية، مثل مكملات النحاس أو الحديد، يمكن أن تتفاعل مع الدواء وقد تقلل من نشاطه المضاد للبكتيريا. يمكن أن يحسن إعطاء التيلوسين على معدة فارغة الامتصاص في بعض الأنواع، إلا أنه في الحيوانات الاقتصادية غالبًا ما يُعطى مع العلف أو الماء لضمان تناول ثابت. لذلك، تعتبر اعتبارات النظام الغذائي وتركيبة العلف مهمة لتحقيق النتائج العلاجية المثلى.
تفاعلات الأدوية
قد يتفاعل التيلوسين مع أدوية أخرى، مما قد يؤثر على فعاليته. قد يقلل الاستخدام المتزامن مع الكلورامفينيكول، اللينكوساميدات، أو التتراسايكلينات من نشاطه المضاد للبكتيريا، بينما الجمع بينه وبين الماكروليدات الأخرى غالبًا غير ضروري وقد يزيد من الآثار الجانبية. يمكن أن يقلل الامتصاص الفموي عند وجود مستويات عالية من الكالسيوم، المغنيسيوم، أو الحديد في العلف أو المكملات. بالإضافة إلى ذلك، قد يعزز التيلوسين تأثيرات عوامل حاصرات العضلات العصبية، لذا فإن الاستخدام الحذر وإرشادات الطبيب البيطري مهمان عند إعطائه مع أدوية أخرى.
موانع الاستخدام
يحظر استخدام التيلوسين في الحيوانات التي تعاني من فرط الحساسية المعروف تجاه الماكروليدات، ويجب عدم استخدامه مطلقًا في الخيول بسبب خطر التهاب القولون المميت. يجب استخدامه بحذر في الحيوانات المصابة بأمراض كبدية شديدة، وتجنب استخدامه مع مضادات حيوية متضادة مثل الكلورامفينيكول أو اللينكوساميدات لتفادي تقليل فعاليته.
الآثار الجانبية
يُعتبر التيلوسين مقبول التحمل عمومًا، ولكن قد تظهر بعض التأثيرات الضارة لدى بعض الحيوانات، وتشمل:
الجرعة الزائدة
السمية
يتميز التيلوسين بسُمية منخفضة في معظم الحيوانات عند استخدامه بالجرعات الموصى بها، لكن الجرعات الزائدة يمكن أن تسبب اضطرابات شديدة في الجهاز الهضمي، وارتفاع إنزيمات الكبد، ونوبات تحسسية نادرة. الخيول حساسة بشكل خاص، حيث أن حتى الجرعات القياسية قد تؤدي إلى التهاب قولون قاتل، مما يؤكد على ضرورة ضبط الجرعات بدقة وفق نوع الحيوان.